Skip to content

التعليم عن بعد في رمضان

التعليم عن بعد في رمضان

نستيقظ باكرا لتناول السحور ثم نصلي صلاة الفجر وبعد ساعة نتجهز للانطلاق إلى الجامعة. الطريق تبدو طويلة والمحاضرات أطول مقارنة ببقية العام.

الاستراحة تمضي ونحن نفكر بالفطور بعد مغيب الشمس. المحاضر يشرح والجميع يلهون إما بالرسم والنوم على طريقة لا أحد يراني.

نعود للمنزل ولربما نساعد الست الوالدة وبعدها قيلولة قصيرة. الجميع حول الطاولة لتناول طعام الإفطار وبعدها القفز على الاريكة لمشاهدة المسلسلات الرمضانية حتى منتصف الليل.

فالمسلسلات في رمضان هي جزء من نكهة هذا الشهر ولكن زمان كانت بمواعيد محددة وبعضها دون إعادة. لهذا كان الالتزام المطلق بالموعد والا فاتنا حوار مع أصدقائنا غدا لتعليق على مجريات المسلسل.

بعدها ننام ولا نكاد ندرس شيئا. هذا هو شريط حياة الطالب الجامعي في شهر رمضان او على الأقل الكسالى منهم. التحصيل العلمي يتراجع كثيرا ليس بسبب الصيام فحسب بل بسبب المغريات والتشويش النتاج عن الزيارات العائلية والتلفاز والجوع أو الشبع المطبق على المعدة.

طالب التعليم عن بعد

الإمساك بزمام الوقت هو أمر في غاية الأهمية بالنسبة للإنسان في القرن الحادي والعشرين. الوقت هو مادة مهمة تماما كأي سلعة أو بضاعة أو إمكانية فالوقت في زمن السرعة له قيمة. التعليم عن بعد الجامعي يوفر مساحة جيدة لترتيب الوقت حسب الأولويات.

التعليم عن بعد هو أداة لإيصال العلم عبر الانترنت بمعنى ان الأداة تغيرت لكن القيمة المعرفية ثابتة.

مجرد ان نختار ماذا نفعل في وقتنا هو لوحده انجاز مهم. نختار ماذا نفعل وما لا نريد. نختار ساعات العمل او الدارسة أو الجري أو مشاهدة التلفاز دون مواعيد مسبقة ملزمة مملة تفرض هي الوقت والمكان والحيز دون أي قدرة على تغيرها. التعليم عن بعد يعطي الطالب الخيار في تحديد الوقت الذي هو يريده وليس ملزما به.

فمثلا بدل ركوب الحافلة صباحا والتوجه للجامعة يمكن لطالب التعليم عن بعد أن يفعل شيء مختلفا في رمضان بدل الدراسة صباحا. هناك العديد من الطلبة الذين يفضلون الدارسة ليلا ولكن هل يمكن للمحاضر الجامعي إعطاء محاضرة ليلا والجامعة تكون مفتوحة والجواب لا. طالب التعليم عن بعد يستطيع تحقيق ذلك.

يمكن ان يدرس ويكتب الوظائف ليلا أو في ساعات العصر او في الوقت المناسب له فهو يختار الوقت لا الوقت يحدد له مساره.

رمضان يغير من نمطية الحياة

في شهر رمضان كل شيء يتغير وليس فقط مواعيد الاكل. هذا ينعكس على لقاء الأحبة وتمضية وقت أكثر مع العائلة والعمل على إيجاد مطاعم جديدة ومشاهدة التلفاز والعبادات تكون أطول وفي المسجد بدل البيت. هذا كله يشقلب الحياة ولربما ليس أمرا سيئا بل بالعكس يعطي نكهة مختلفة.

التعليم عن بعد وكذلك كل ما يتعلق بالتطور التكنولوجي بات جزءا من حياتنا فمثلا في السابق كنا نشاهد مسلسل رمضان على التلفاز بوقت معين وإذا فاتتنا الحلقة علينا ان نسمع مجرياتها من الجيران والأصدقاء. خاصة إذا لم يكن هناك إعادة. وعلينا الصبر لمشاهدة الإعلانات وإذا تم قطع البث فانتهى المسلسل ومعه غصة في القلب فالكل شاهد إلا أنا. الحل اليوم ان نشاهد المسلسل على واقع الأنترنت او تطبيقات او حتى على قطعة يو س بي وهناك العديد من الخيارات والطرق الجديدة لمشاهدة المسلسلات في الوقت الذي نشاء ودون إعلانات.

تماما عندما تفوتنا محاضرة مهمة فكل الطلاب فهموا وانا اجلس في الكافتيريا واشعر انني ضائع وعلى الاغلب لن أنجح. وخلال المحاضرة أقول في نفسي لو جلست في الكافتيريا لكان أفضل لان المحاضرة غير مهمة.

هنا وقت المحاضرة هو الذي يحدد. التعلم الذاتي وعبر الانترنت أو الدراسة عن بعد كلها أدوات تعزز من قدرة الطالب على التحكم بالوقت واخيار متى يشاء يدرس وما يشاء يدرس.

الامتحان سيبقى الامتحان والإهمال سيعاقب بعدم التسجيل للمساقات الأخرى بسبب الفشل في تخطي المساق. اذن الالة التعليمية ومنظومتها قائمة والمتغير هو الوقت والمكان.

نحن نختار الوقت ونختار اين ندرس. يمكن في شهر رمضان ان ندرس في حديقة المنزل او في بيت جدتي وندرس بعد العصر او قبل السحور.

نعود بعد العيد أحلى

أيام قليلة وينتهي رمضان وتعود الحياة لطبيعتها فتعود الحياة المنظمة أكثر وتنتهي الفوضى في الشوارع ونعود لروتين الحياة الذي نعرف. التعليم عن بعد سيستمر وسيتطور أكثر فأكثر والتكنولوجيا ستوفر الإمكانيات اللامحدودة لطرق التعليم الحديثة وكلها في النهاية لخدمة العلم والتعليم. التكنولوجيا التي اعادت ترتيب مفهوم الوقت وكيف يمكن الاستفادة منه في أكثر من ناحية.

تماما كما نشاهد اليوم موسم كامل من حلقات مسلسلة تنزل على التطبيق كاملة فيمكن مشاهدة الموسم كامل في يوم واحد او مشاهدة الموسم الواحد لأشهر.

والحلقة قد نعيد مشاهدتها مرة ومرتين والمشاهد الجميلة قد نشاهدها مرة أخرى أينما نشاء. لا أحد عليه ان ينتظر عقارب الساعة لمشاهدة المسلسلات على التطبيقات وأيضا التعليم عن بعد بات يوفر طريقة سهلة لاختيار الوقت والمناسب والفعال لأنجع ساعة لكل شخص

فهناك من يحب الدراسة بالليل وهناك من يحب الدراسة بالنهار فالوقت ليس سيفا كما كان يقال بل الوقت هو مادة يمكن تكيفها وتطويعها لخدمة اهدافنا وطموحتنا او يمكن تضييع هذه المادة كالكسالى والفاشلين الذين ضيعوا الوقت تماما كما ضيعوا الفرص.