Skip to content

مستقبل التعليم عن بعد وأهميته تطويره في ظل زيادة الاعتماد عليه

Futrue

مستقبل التعليم عن بعد وأهميته تطويره في ظل زيادة الاعتماد عليه

 

شهد العالم في العقدين الماضيين تطورات تكنولوجية وانفجارات تقنية ومعلوماتية متلاحقة وسريعة، منها التعليم عن بعد وقد عملت الدول على بذل الكثير من الجهد لمواكبة هذه التطورات بما ينعكس إيجابا على تجويد المرافق العامة. من هنا فإن العديد من الخبراء التقنيين والاقتصاديين والأكاديميين مهتمون بالتطورات التكنولوجية السريعة الأخيرة وما تنطوي عليه في المستقبل. وهذا يبشر بجعل حياتنا أسهل وأكثر أمنا.

 

انعكس هذا التوظيف الإيجابي على سلوك عام يقضي بـ “رقمنة” الخدمات، والانتقال المرن للمؤسسات والمرافق العامة من الخدمات التقليدية إلى خدمات إلكترونية من دون ورق Paperless، بجهد أقل من المعهود من جهة وكذلك التكاليف، وبجودة عالية من جهة أخرى.

 

ففي حين كانت المدارس تمثل فيما مضى المكان الوحيد الذي يمكن فيه للتلاميذ الانتفاع بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، “بات لزاما أن تستغل معظم نظم التعليم الوضع القائم، وما هو متاح من إمكانات التعلم عبر الاستفادة من العدد الكبير من الطرق المبتكرة التي تتيح للمتعلمين استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لأغراض التواصل والتعلم وتشاطر المعارف، فلا يبقى الانتفاع بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات محصورا في المدرسة وهذا حسب كتاب استراتيجية الیونیسكو للتعلیم 2014-2021 صدر في عام ٢٠١٥)

 

لماذا التعليم عن بعد ؟

 

لذلك فإن هذا المقال سيقدم توصيفا لموضوع التعليم عن بعد، وأساليبه التي تعود بالفائدة على المتعلم وعلى المؤسسة التعلمية على حد سواء، بالإضافة إلى أهم الوسائل والخدمات التي تضمن وصول المعلومة إلى كل متعلم، مع تسليط الضوء على أهم التحديات التي تواجه هذا النوع من التعليم. وطرح جملة تساؤلات مشروعة، لعل أبرزها، أكان ثمة رؤى وخطط استراتيجية واضحة واكبت الانفجار المعرفي والتقدم التقني من جهة، والازدياد السكاني وحاجة كل فرد إلى التعلم من جهة أخرى للذهاب نحو التعليم عن بعد ؟

 

أم هي خطط طارئة اضطرت الحكومات للتعامل معها كأمر واقع في ظل تعليق الدراسة في العديد من دول العالم بعد جائحة کورونا؟ هل يمكن الانتقال للتعليم عن بعد دون الأخذ بالحسبان المشكلات الموجودة في بعض النظم التعليمية، ومن دون خطط متكاملة في هذا المجال؟ هل يحتاج التعلم والتعليم عن بعد إلى “تكافؤ فرص” خاصة في ظل العديد من المشكلات في البنية التحتية كالكهرباء والإنترنت والأجهزة المتوفرة، فضلا عن المحتوى التعليمي؟ وما هي التوجهات التي تشجع على الانتقال نحو التعليم عن بعد بشكل كلي أو جزئي؟

 

تطور التعليم عن بعد

 

لم يبدأ التعليم عن بعد في العصر الحديث، بل يمتد لأكثر من مئتي عام، وكانت البداية عام 1729 على يد Caleb Philips حيث كان يقدم دروسا أسبوعية عبر صحيفة “بوسطن جازيتواستخدم الراديو لاحقا لهذا الغرض عام 1922 حيث بدأت جامعة بنسلفانيا العريقة في تقديم عدد من المقررات عبر جهاز الراديو. ثم عبر التلفاز إذ أطلقت جامعة ستانفورد مبادرة عام 1968 أسمتها the Stanford Instructional Television Network لتقديم مقررات لطلاب الهندسة عبر قناة تلفزيونية.

 

وفي عام 1992 كان الانتشار الأوسع مع ظهور شبكة الإنترنت، حيث بدأ ظهور أنظمة إدارة التعلم (LMS) عام 1999 Blackboard, canvas إلا أنها أنظمة معلقة لا تخدم جميع المتعلمين وفي عام 2002 أطلق معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا مبادرة المقررات المفتوحة MIT Open Course يستفيد منه 65 مليون مستفيد من 215 دولة، ثم أكاديمية خان عام 2008 (71 مليون مستخدم)

 

مفهوم التعليم عن بعد:

 

هو عملية نقل المعرفة إلى المتعلم في موقع إقامته أو عمله بدلا من انتقال المتعلم إلى المؤسسة التعليمية. وهو مبني على أساس إيصال المعرفة والمهارات والمواد التعليمية إلى المتعلم عبر وسائط وأساليب تقنية مختلفة. حيث يكون المتعلم بعيدا أو منفصلا عن المعلم أو القائم على العملية التعليمية، وتستخدم التكنولوجيا من أجل ملء الفجوة بين كل من الطرفين هذا حسب المرجع في كتاب (المعداوي السيد .2020)

 

أهمية التعليم عن بعد:

 

 انطلاقا من كل ما سبق، يجمع الباحثون والمتخصصون في الحقل التربوي على أهمية التعليم عن بعد، على ان يكون ملائما لشرائح واسعة من المتعلمين عبر العالم على اختلاف بلدانهم وثقافتهم واهتماماتهم وظروفهم. وفيما يلي نذكر أبرز المزايا التي يوفرها التعليم عن بعد.

 

فرص التعلم: إتاحة الفرصة التعليمية لكل المتعلمين. أصبح تحديا في ظل التقدم السريع والانفجار المعرفي والتقني المتلاحق لتعزيز المهارات الحياتية والتركيز على مهارات القرن الواحد والعشرين.

 

المرونة: إذ يتيح التعلم وفق الظروف التعليمية الملائمة والمناسبة لحاجات وظروف وأوقات المتعلمين وتحقيق استمرارية عملية التعلم.

 

الفاعلية: أثبتت البحوث التي أجريت على هذا النظام بأنه ذو تأثير یوازي أو يفوق نظام التعليم التقليدي، وخصوصا عند استخدام تقنيات التعليم عن بعد والوسائط المتعددة بكفاءة، وانعكاس هذه الايجابية على المحتوى التعليمي.

 

الابتكار: تقديم المناهج للمعلمين بطرق مبتكرة وتفاعلية.

 

استقلالية المتعلم: تنظيم موضوعات المنهج وأساليب التقويم حسب قدرات المتعلمين

 

التكلفة: اذ يتميز هذا النوع من التعليم بانه لا تكلف مبالغ كبيرة من المال

 

التحديات التي يواجهها القيمون على عملية التعليم عن بعد:

 

عدم الاستعداد الفعلي للمعلمين لـهـذه المرحلـة الانتقالية المفاجئة، إذ أن نسبة كبيرة من المعلمين لم تكن لديهم الوسائل اللازمة التي تمكنهـا مـن دعـم التعليـم عـن بعـد وبعض المعلمين لا يملك خبرة كافية في الجانب التقني التي تسمح بإدارة عملية التعلم عن بعد وتنفيذها على أكمل وجه، أو في صناعة المحتوى التعليمي الملائم.

 

عدم استعداد المتعلمين وأولياء الأمور لمبدأ التعلم عن بعد، ومن ثم رفضه لدى بعضهم. وما يتبعه من اضطرابات ناتجة عن التفاوتات الموجودة بالفعل في النظم التعليمية والتي توثر بشكل رئيسي على المتعلمين وأولياء الأمور على حد سواء، من الذين ينتمون للأسر ذات الدخل الضعيف والمتوسط ومحدودة الامكانيات.

 

حسب البنك الدولي وتقريره عن فيروس كورونا فإن هذه العوامل والتحديات قابلها سعي وجهد حثيثين، إذ تفاعات جميع الدول وبشكل طارئ تجاه الملف التعليمي، لضمان عدم عزل المتعلمين عن مصادر المعرفة، فبدأت بعض الدول بالبث التعليمي من خلال التلفزيون وبرامج تعليمية أخرى.

 

كما سعت المنظمات العالمية التي تعنى بالتربية والتعليم للعمل على توفير المصادر التعليمية بشكل مجاني، وتقديم الخدمات التعليمية عبر شبكات الانترنت. مع ضمان خاصية الوصول إلى المعلومات والمصادر التعليمية المفتوحة فاتخذ التعليم عن بعد أشكالا مختلفة. منهم من أكتفى بالبث التلفزيوني، بعضها تفاعلي وبعضها الآخر غير تفاعلي، ومنهم من استخدم الراديو في بعض الدول، ومنهم من سعى إلى النسج بين وسائل تعليمية عدة ودرس عبر الإنترنت من خلال منصات تعليمية مختلفة.

 

انطلاقا من هنا نرى من الضرورة بمكان الأخذ بالحسبان بعض الأمور الآتية في المستقبل القريب، إدارة التغيير نحو تخطيط مستقبل التعلم الإلكتروني والعمل على توفير سياسات وتشريعات في خدمة التعليم الإلكتروني وتوظيف تكنولوجيا التعليم من أجل تعليم مدمج (Blended learningوليس فقط لاستخدامها في التعليم.

 

إيجاد تكافؤ الفرص في التعليم الإلكتروني وتحويل المحتوى التقليدي إلى محتوى رقمي عالي المستوى وتفعيل المهارات المصحوبة بأنشطة تعليمية تحاكي مستويات التفكير العليا وتحديد معايير الجودة في التعليم الإلكتروني.

 

 

المراجع المعتمدة:

1-   المعداوي السيد .2020.التعليم الالكتروني .

2-   جائحة فیروس كورونا والاستعداد للتعلم الرقمي – البنك الدولي – أیار2

3-     استراتیجیة الیونیسكو للتعلیم 2014-2021 صدر في عام ٢٠١٥ عن منظمة الأمم المتحدة التربیة والعلم والثقافة