Skip to content

اللغة الإنجليزية تواجه تحدي البقاء على رأس لغات العالم

اللغة الإنجليزية تواجه تحدي البقاء على رأس لغات العالم

أغلبية الطلبة في العالم العربي يواجهون عقبة اللغة لاستكمال دراستهم في الجامعات الأجنبية. هذا الامر يبدو بديهيا ولكن في عالم متطور ورقمي هل اللغة ستبقى ذاك الجدار المرتفع الذي لتجاوزه بحاجة لدراسة اللغة الأجنبية لعام كامل؟

هل بالفعل اللغة هي أداة الفهم الأولى ودونها يكون التحصيل العلمي منقوصا خاصة وان اللغة الإنجليزية باتت اللغة المتصدرة في المجتمع العلمي. هل اللغة الإنجليزية ستبقى هي لغة العلم ام نتوقع ان لغة رقمية جديدة قد تحل محلها فلا مجال في عصر الانترنت والفايبر انتظار تعلم ابجديات وقواعد النحو للغة اجنبية.

اليونانية كانت قبل اللغة الإنجليزية لغة العلوم

طالما في التاريخ كان هناك لغة الإمبراطورية العسكرية المسيطرة على الأقاليم الصغيرة المتناثرة حول العالم وهذه اللغة بالأساس لغة الدولة والحكومة والمعاملات المدنية والتجارية ولكن في المقابل ليس بالضرورة أنها لغة المجتمع العلمي.

أحيانا تكون اللغة نفسها للدولة والعلوم واحيانا تتبدل والسبب يتعلق بتطور أدوات اللغة وقدرتها على تبني الميراث من لغة أخرى لإمبراطورية زائلة وخلق مفردات علمية للغة جديدة.

لنعطي مثال لنوضح: في القرن الثالث قبل الميلاد اجتاح إسكندر المقدوني الشرق فاحتل سوريا ومصر والعراق وايران وزحف حتى الهند وأفغانستان.

أسس دولة يونانية وفرض اللغة رغم انه في الحقيقة ليس يونانيا بل مقدونيا لكنه تربى وتعلم في اليونان على يد الفيلسوف ارسطو. الدول التي اجتاحها كان فيها لغات وفيها علوم بنفس اللغة. خلال قرنين باتت اللغة الرسمية والعلمية هي ذاتها اليونانية.

عندما اجتاح الرومان الايطاليون المشرق فرضوا اللغة الرومانية لكن المجتمع العلمي بقي يونانيا لعصور ومكتبة الإسكندرية كانت تحتوي على خزانة المعرفة في العالم ومعظم الكتب واللفائف كانت يونانية رغم احتلال الرومان فحتى الانجيل كان مكتوبا باليونانية رغم سيطرة الرومان.

اللافت ما حدث بعدما اعتنقت روما الدين المسيحي وفرضت اللغة اللاتينية فأصبح كل مسيحي ملزم بتعلم اللاتينية وإلا لن يقرأ الانجيل فزالت اللغة اليونانية تماما إلا من المكتبات القديمة.

العرب المسلمون اخذوا كل الكتب اليونانية المهملة وترجموها للعربية وشكلوا جسرا معرفيا هاما. ولان القران كان بالعربية فأصبحت كل الأمم ملزمة بلغة الدولة ولغة العلم بما فيها العلوم المادية والدينية.

ولهذا فإن جامعات الاندلس في اسبانيا كانت تعلم باللغة العربية ومثلها جامعة الازهر التي تدرس في مصر القبطية. فمن أراد أن يتعلم عليه ان يتعلم اللغة العربية بعدها يمكنه التنقل بي جامعات العالم التي عمليا كانت في العصور الوسطى عربية باستثناء الجامعات الدينية في أوروبا التي اهتمت باللاهوت المسيحي اكثر من الهندسة والطب والرياضيات.

ولعل علم الجبر المعروف اليوم ما هو إلا تسمية لعالم الرياضيات المسلم محمد الخوارزمي حيث تحول الجبر اليوم إلا احد اهم قواعد العلوم الهندسية بما فيها هندسة السفن الفضائية.

لهذا نرى الفجوة بين لغة الدولة المسيطرة ولغة العلم فاليوم بريطانيا ليست إمبراطورية ولكن اللغة الإنجليزية هي لغة العلوم بشكل واسع جدا لأنه قبل ثلاثة قرون كانت بريطانيا الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس.

ومن هنا تحولت اللغة الإنجليزية للغة العلوم وتدريجيا اضمحلت القوة العسكرية لها لكن بقيت اللغة الإنجليزية هي لغة العلوم.

اللغة الإنجليزية تطورت ولكنها قد تختفي

مع سيطرت بريطانيا او المملكة المتحدة كانت اللغة الإنجليزية إلى حد ما ضعيفة ومقارنة باللغات العالمية على الكرة الأرضية مثل العربية أو التركية أو الفارسية أو الصينية أو الهندية فتلك اللغات كانت لغات العلوم لقرون سبقت سيطرت وتصاعد قوة اللغة الإنجليزية.

فشكسبير ليس العنوان الصحيح لتبني مفردات علمية فيزيائية أو هندسية. كان العرب مثلا بكلمة واحدة يمثلون شكلا هندسيا واللغة الإنجليزية كانت بحاجة لاربع كلمات لنعت نفس الشكل.

لهذا تطورت اللغة الإنجليزية مثلها مثل كل اللغات التي بدأت ضعيفة بدائية يتحدث بها المحاربون الغزاة على الجياد إلى لغة المجتمع العلمي في تلك الدولة بعد ان سلبت الأمم الأخرى وأخذت الكتب وأيضا العلماء انفسهم.

ومع الوقت تطورت مفردات اللغة الإنجليزية وصار هناك لغة قديمة ولغة جديدة وحتى الانجيل الذي ترجم للغة الإنجليزية كإجراء سياسي ينهي حكم اللاتينية ومعها قوة البابا في روما وانتهاء الدولة الرومانية التي أصلا كانت منتهية لكن اللغة بقيت لغة العلوم حتى تم تبني المذهب البروتستانتي في بريطانيا وباتت هي ورثية العلوم.

هنا يبرز سؤال مهم إذا كانت كل الدول والامبراطوريات التي قبلها انتهت فلماذا اذن اللغة الإنجليزية ستبقى كلغة العلوم؟ الجواب هو أنه حسب التطور التاريخي الإجابة معروفة فلا احد يستطيع ان يستمر إلى الابد.

طبعا بعيدا عن السياسية وتقبلتها إلا ان هناك منافس حقيقي يتوعد اللغة الإنجليزية وهي اللغة الرقمية. لا يوجد لها قواعد نحو أو أفعال جر بل هي تجسد قدرة التكنولوجيا الحالية على ترجمة كافة العلوم بأي لغة إلى أي لغة.

الأفق لسيطرة اللغة الرقمية وهي ليست لغة انما منهجية جديدة لكيفية تعاطي كافة اللغات والاجناس مع العلوم وسهولة تداولها. فالروسي الذي لا يريد تعلم لغة جديدة سيحصل على دراسة في علم الاجنة من جامعة هولندية مترجمة للغته الروسية.

طبعا هذا جزء صغير جدا من لغة جديدة قد تتطور وبسرعة لخلق مجتمعي عالمي لا يتبنى لغة واحدة بل لغات عدة بأداة واحدة وهي الرقمية.

 اللغة ليست حاجزا بل رافعة علمية

لغاية ظهور لغة أخرى ستبقى اللغة الإنجليزية هي اللغة المسيطرة في المجتمع العلمي حتى ولو كان هناك العديد من اللغات الأخرى القوية مثل الفرنسية والألمانية والصينية والروسية إلا أن اللغة الإنجليزية تبقى الأشهر والاقوى.

ولعل السبب هو ان أشهر الجامعات في العالم مثل اوكسفورد وكامبريدج المنهاج فيهما يعتمد على اللغة الإنجليزية. وهنا تظهر إشكالية وهي ان ليس كل الطلاب في العالم يتقنون اللغة الإنجليزية بطلاقة تؤهلهم لدراسة في الجامعات الامريكية. لذلك فإن جامعة University of the People الامريكية ذهبت إلى خطوة جسورة وهي ان تعلم ادارة الاعمال باللغة العربية وبالتالي المساقات والدورات والأدوات والكتب والمنهج كله بالعربي وهو أمر غير مألوف البتة في جامعة أمريكية.

أيضا فتحت مساقات لتعلم اللغة الإنجليزية فالطالب يمكن ان يبدأ دراسة إدارة الاعمال باللغة العربية وفي نفس الوقت يدرس مساقات اللغة الإنجليزية لينتقل إلى مسار إدارة الاعمال باللغة الإنجليزية إن أراد ذلك. هنا تم فتح المجال للعرب غير متكلمي اللغة الإنجليزية الحصول على شهادة جامعية أمريكية معترف بها باللغة العربية وهم في مكان اقامتهم لان جامعة University of the People هي جامعة تدرس عبر الانترنت بشكل كامل.